Admin Admin
عدد المساهمات : 543 تاريخ التسجيل : 24/09/2011
| موضوع: تطوير المؤسسات الأحد سبتمبر 25, 2011 4:45 pm | |
| (إن قدرة المؤسسة على التغيير تعتبر عاملًا رئيسًا في نجاحها في المدى القريب والبعيد). د. طارق السويدان.هناك حكمة تقول: (الشيء الوحيد الثابت في الحياة هو التغيير)، ولكن لابد لأي تغيير أو تطوير في الحياة أن يكون وفق خطوات محددة, وإذا تحدثنا عن التطوير الإداري داخل المؤسسات, فلابد أن يكون هذا التطوير وفق معايير ومبادئ معينة؛ لأنه ليس من المعقول أن يسعى المدير إلى إحداث تطوير داخل مؤسسته، دون أن يحدد خطوات ومبادئ التطوير الذي يريد تحقيقه.بالإضافة إلى ذلك، فإنه حتى تتم عملية التطوير بفاعلية, يجب أن تعتمد منذ بدايتها على خطة عمل دقيقة، تركز على الوضع الحالي للمؤسسة, وكيفية الانتقال منه إلى وضع أفضل في المستقبل, الأمر الذي يتطلب من المدير أن يعمل على تحليل كافة العناصر التي تحقق التطوير المطلوب, وقد صدق من قال: (كل من صار على الدرب وصل), أي كل من صار على الطريق الصحيح وصل إلى غاياته إن شاء الله.إرشادات عامة.يقول الدكتور سعيد ياسين عامر: (إذا كنا نتحدث عن إدارة التغيير، فمن الصعب سرد مبادئ ثابتة في هذا الصدد, فهي قضية ديناميكية الطابع, إلا أنه من الممكن الاسترشاد بالعموميات في هذا الصدد. ويعتقد الكثير من المهنين, وبعض الكتَّاب, أن إدارة التغيير تقف عند حد إدارة الأموال أو الإنتاج, أو غير ذلك من الموارد المالية, أو الموارد البشرية, أو كافة الموارد على اختلاف أنواعها مجتمعة, وإن كان من الصعب إنكار ذلك, إلا أن الجانب الموضوعيُّ لإدارة التغيير يمتد إلى أبعد من ذلك، ليتضمن مراحل التغيير التي تمر بها الممارسة الإدارية لكل مورد ماديٍّ, أو بشريٍّ في ظل التغيرات التي تحدث).إذن فهي خطوط عامة، ومراحل يمر بها أي تطوير داخل أي مؤسسة، أما تفاصيل هذا التطوير فيختلف من مؤسسة لأخرى.خطوات بيير الخمس.يقول ميشل أرمسترونج: (لقد تساءل ميشيل بيير وزملاؤه في مقالة تمهيدية بمجلة (هارفارد بيزنس ريفيو) قائلين: لماذا لا تُحْدِث برامج التغيير تغييرًا؟ وقد توصل بيير وزملاؤه إلى خمس خطوات للتطوير الفعَّال، والتي تركز على ما يسمونه بتنظيم المهام, أي إعادة تنظيم أدوار العاملين والمسئوليات والعلاقات؛ لحل مشكلات العمل المعينة, وهذه الخطوات هي:1. تهيئة الالتزام بالتطوير؛ عن طريق التحليل المشترك للمشاكل.2. إيجاد رؤية مشتركة للتنظيم والإدارة وتحقيق الأهداف، مثل خلق روح المنافسة.3. توفير الإجماع على النظرة الجديدة ومدى كفاءتها.4. نشر الحيوية والعزيمة في جميع الأقسام.5. مراجعة وتعديل الاستراتيجيات، وفقًا للمشاكل الناجمة عن عملية التطوير. إذن هكذا وصف ميشيل أرمسترونج خطة بيير ذات الخطوات الخمس، ولا شك عزيزي القارئ , أن المبادئ والخطوات التي ذكرها بيير تعتبر شاملة, ولذا إن أردت أن تحدث تطويرا، فعليك أولًا أن تهيئ الجو الذي تستطيع من خلاله أن تغير في شركتك, وأيضًا يجب أن تكون لديك رؤية للتطوير الذي تريده, بالإضافة إلى أن تقوم بإشراك أفراد مؤسستك في هذا التطوير، وأن تصنع لهم الدافع لذلك.مبادئ أكثر شمولية.وهناك مبادئ أكثر شمولية من التي اقترحها بيير وزملاؤه للتطوير, وهذه المبادئ اقترحها دوجلاس سميث، وهي:1.الأهداف هي الأساس: قليلون هم الذين يتغيرون من أجل التطوير, وخاصة في المنظمات, ولكنهم سيتغيرون عندما يعتمد أداء منظمتهم, وإسهاماتهم الشخصية في النتائج على هذا التطوير؛ ولذلك يجب عليك أن تتأكد بأن كل فرد يعطي اهتمامًا مستمرًا إلى نتائج الأداء المترتبة على جهوده؛ لكي يتعلم المهارات والسلوكيات والعلاقات المرتبطة بالعمل, وإلا فلا تحسين أو تطوير.2. فريق عمل للتطوير: لا يستطيع أن يغير شخص ما سلوك شخص آخر, يجب أن يتحمل الأفراد بأنفسهم مسئولية إحداث تطوير سلوكهم, ولكن يمكنك أن تفعل كل ما تستطيعه لإعداد أكبر عدد ممكن من الأفراد الذين يلتزمون بتحمل هذه المسئولية، من خلال تكوين فريق عمل لإحداث التطوير المطلوب، يتحدث بالضمير (نحن)، الذي يمكن أن يجعل التطوير والأداء واقعًا ملموسًا.3. تعَرُّف كل فرد على دوره في عملية التطوير:إذا إردت إدارة فعالة للتطوير، فعليك أن تساعد الأفراد باستمرار على ربط جهودهم بالصورة العامة للمؤسسة, يعني هذا فهم المخاطر التي يمكن أن يتعرض لها الأفراد الذين يتحملون مسئولية تطوير أنفسهم, بمعنى آخر يجب عليك أن تقود نفسك والآخرين لإحداث عملية التطوير ذاتها.4. تدريب المسئولين عن التطوير ودعمهم بالمعلومات اللازمة:يجب أن تعمل باستمرار على إيجاد مناخ يعطي الأفراد فرصة؛ لكي يعيشوا تجربة التطوير, يجب أيضًا أن تساعد في نشر المعلومات, وإيجاد التدريب, وإسداء النصح, وتقديم الدعم, ولابد أن يسبق ذلك تحديد الأهداف.5. الاستعانة بمستشار:تحتاج عملية التطوير في المؤسسات إلى مساعدة خارجية من أحد المستشارين المتخصصين في هذا المجال, سواء كان ذلك فردًا أو مكتبًا استشاريًا, وفيما يلي توضيح لصفات المستشار، ومن أهمها:1. خلفية واسعة في العلوم السلوكية، كعلم النفس وعلم الاجتماع وغيرها.2. خبرة واسعة في مجالات التنظيم والإدارة.3. خبرة واسعة في وضع مناهج التعليم والتدريب.4. خبرة بتنمية الأفراد والمؤسسات.5. معرفة بتكوين الشخصية الإنسانية والقيم والاتجاهات والميول.6. مهارات في تشخيص المشاكل وحلِّها.7. أن يكون ناجحًا, وواثقًا من نفسه وشجاعًا, بالإضافة إلى التفتح الذهنيِّ.8. أن يكون لديه مهارات بناء علاقات حسنة مليئة بالثقة والود.بالمثال يتضح المقال.ولكي نوضح مدى تطبيق مبادئ التطوير في الواقع، سنضرب مثالًا واقعيًّا, فقد التحقت كارلي فيورينا كرئيس لشركة هوليت باكارد (HP) في عام 1999م, في وقت كانت شركات الكمبيوتر الشخصي تواجه منافسة شديدة، وكانت الشركة قد بدأت تفقد مبيعاتها في صالح منافسين أشداء، مثل شركة ديل DELL وشركة صن SUN.لقد بدأت كارلي فيورنيا فلسفة واضحة، تعتمد على ضرورة دراسة المشاكل من جذورها سواء من العاملين الذين ينتجون ويبيعون أو من المستهلكين؛ ذلك لأن أهم العملاء مثل شركة فورد FORD، وشركة بوينج BOEING, كانتا تشتكيان من انفصال فرق البيع وخدمة المبيعات عن أسلوب العمل في الشركة عندما يتم بيع الكمبيوتر الشخصي, وهو ما يحتاج إلى خدمة تتميز بالخصوصية والمباشرة؛ ولقد أدى الأمر كله إلى انخفاض الأداء العام للشركة, وانخفاض قيمة أسهمها.ولقد بدأت فيورينا إعادة تنظيم شركة هوليت باكارد، من خلال إنشاء وحدتين أماميتين للتسويق والمبيعات، ووحدتين خلفيتين للإنتاج والبحوث, مع تنشيط عمليات التنسيق بين الواحدات الأمامية والخلفية, وتنشيط العلاقة بين الوحدات الأمامية والمستهلكين, وبالرغم من أن هذا التطوير له ما يبرره، إلا أن العاملين بالشركة لم يتلقوه بالترحاب المتوقع.ولم تجد كارلي فيورينا بدًّا من أن تبحث عن حل جذريٍّ, وبدأ الحديث عن إمكانية ضم جهود الشركة مع أحد المنافسين، وهي شركة كومباك Compaq من خلال الاندماج, وتم الإعلان عن فكرة ومشروع الاندماج في عام 2001م. ولقد عارض والتر هوليت ابن أحد المؤسسين للشركة فكرة الاندماج؛ بحجة أنها لن تثمر، ولعب كل من الطرفين على مشاعر أصحاب الأسهم وملاك الشركة, على اعتبار أن الاندماج يحتاج إلى تصويت منهم, واستمرت المداولات حوالي سنتين في مجلس الإدارة والجمعية العمومية للمساهمين، ودخل في المداولات كل من: الملاك، والمؤسسين الرئيسين, والشركات المساهمة ذات الحصص الكبيرة, وشركات التحليل المالي مثل شركة مريل لينش، بالإضافة إلى المديرين والموظفين.وانتصرت الرئيس التنفيذي الأعلى؛ وذلك بسبب قدرتها على التفاوض مع كافة الأطراف, وقدرتها على عرض مزايا الاندماج, وكسبت كارلي فيورينا التصويت الخاص بالاندماج, وكسبت دعم البنوك الداعمة للقروض المساعدة في عملية الاندماج, ويمكن اعتبار هذا الاندماج أقرب إلى الاستحواذ, حيث أن شركة هوليت باكارد (HP) لديها حوالي 150 ألف موظف حول العالم، بينما لدى شركة كومباك حوالي 65 ألف موظف, كما أن أصول الشركة الأولى أكبر من الثانية.لم تكن الأمور ودية تمامًا في عملية الاندماج؛ حيث تطلب ذلك تقليل حجم العمالة, وحاولت كارلي فيورينا السيطرة على هذه المشكلة من خلال بناء جسور للتفاهم والاتصال مع كافة مستويات العاملين في كل مكان، من خلال الزيارات المستمرة أو ما يعرف باصطلاح: Management by walking around. ولم تؤد هذه الزيارات النتيجة المنشودة, فزادت حدة المقاومة لعملية الاندماج، وما تبعتها من عمليات تقليل العمالة, كما أشار بعض المحللين إلى أن الشركة لم تستطع أن تخلق ثقافة جديدة تتمشى مع عملية الاندماج, كما أن هذه المشاكل يمكن أن تعزى إلى عدم وجود رؤية واضحة للاندماج، وانتهى الأمر في عام 2005م بالاستغناء عن كارالي فيورينا, وما زالت الشركة تبحث عن حل لأوضاعها.خلاصة المثال.نستطيع من القصة السابقة أن نستخلص ما يلي:1. يجب أن تكون لديك رؤية معينة للتطوير الذي تريد تحقيقه.2. عليك أن تروج جيدًا لفكرتك، وذلك من خلال الموظفين والأفراد العاملين داخل الشركة؛ حتى تكون المؤسسة بأجمعها على موجة واحدة إن صح التعبير.3. الاستعانة بمن هم أكثر خبرة في مجال التطوير داخل المؤسسات.أخيرًا .. هل تضيف الملح إلى الطعام قبل أن تتذوقه؟ربما تعجب من العنوان السابق، ولكن عجبك سيزداد عندما تعلم أن هذا السؤال كان الطريقة التي يعتمدها هنري فورد في تعيين المدراء الجدد، ولذلك قصة مفادها أنه عندما كان هنري فورد ينوي تعيين أحد المديرين الجدد, فإنه كان يأخذه معه لتناول الغداء أولًا, إذا أضاف المدير المرتقب الملح إلى الطعام قبل أن يتذوقه, فإن فورد كان يرفض تعيينه؛ فقد كان فورد يعتبر أن هذا دلالة على أن المدير المرتقب سيقوم بتنفيذ الخطط الجديدة قبل أن يختبرها أولًا, هل ترى ذلك متطرفًا بعض الشيء؟ حسنًا, ضع في اعتبارك أن هنري فورد كان أول مليادير في أمريكا.وختامًا تذكر قول أف. روبرت جاكوبس مستشار التغيير، ومؤلف كتاب (التوقيت الصحيح للتغيير الاستراتيجي): (إن المؤسسات الأكثر نجاحًا في المستقبل هي، تلك المؤسسات القادرة على إحداث التغيير السريع والفعَّال، الذي ينطوي على تطويرات جوهرية تدوم طويلًا وتشمل النظام برمَّته).أهم المراجع.1. إذا كنت مديرًا ناجحًا كيف تكون أكثر نجاحًا؟ ميشيل أرمسترونج.2. اضغط الزر وانطلق, روبين سبكيولاند.3. التغيير ... أدوات تحويل الأفكار إلى نتائج, دانا جاينس روبنسون وجيمس روبنسون.4. المؤتمر السنوي الأول ... استراتيجيات التغيير وتطوير المنظمات, سعيد ياسين عامر.5. إدارة تغيير الأفراد والأداء كيف؟ دوجلاس سميث.6. تطوير المنظمات, أحمد ماهر.7. منهجية التغيير في المنظمات، د. طارق السويدان. | |
|